يا أيها الموت خف أنت نحن هنا لم نعد خائفين

 


"لم تكن حكمةٌ أيها الموت أن تقترب... لم تكن حكمة أن تحاصرنا كل هذه السنين.... لم تكن حكمة أن ترابط  بالقرب منا إلى هذه الدرجة.... قد رأيناك حتى حفظنا  ملامح وجهك  عادات أكلك أوقات نومك حالتك العصبية......أيها الموت خف أنت نحن هنا لم نعد خائفين"

بعيدا  عن التفسيرات الغيبية من قبيل يا أيها الموت سر إلى اليمين، أنصح جميع الرفاق بالمحافظة على جسدهم، كما تصونون أفكاركم وتصقلون مواهبكم،كما تحرصون على تطوير ممارساتكم، كما تلتزمون بالمبادئ التي تربى عليها أغلب الرفاق من شتى المدارس الفكرية.

بكل بساطة الجسد هو support الأفكار، الجسد القوي سيجعل منك صلب في مقارعة الإئتلاف الرجعي الحاكم،بجسد صلب ستكون لك القدرة على تحمل قساوة الحياة بتفاصيلها المملة والمقلقة. بجسد صلب يمكن أن تكتسب القدرة على إحتواء القلق والضغوطات النفسية الناتجة عن الممارسة السياسية ومجابهة اليومي.

بكل بساطة الجسد السليم في العقل السليم، الإنضباط الحزبي يحتم على الجميع الإستعداد النفسي الذهني والجسدي إضافة إلى الإستعداد الفكري.

كل ما أقوله هو بديهي لأغلب الرفاق، أنا لم أكن مهتم بسلامة جسدي. عشت كما كل الرفاق، أدخن كثيرا أسهر كثيرا أشرب الخمر بل أعشق معاقرة الخمرة. ولقد أمضيت سنوات عديدة أشرب الكحول ربما بشكل شبه يومي... تضرر جسدي كثيرا، عشت سنوات أعاني من الإكتئاب المرضي.. كان تأثير العمل السياسي ظاهر بالعين المجردة حتى أصبحت عاجز على النوم... أصبحت غير قادر على التركيز.. غير قادر على ضبط أعصابي... أصبحت سريع الغضب..عشت سنوات من التعصب والإنغلاق الفكري... من أجل التخلص من الإكتئاب المرضي إضطررت الى الإستعانة بطبيب نفسي أتذكر عندما قال لي  "إن الهرسلة البوليسية اليومية والقمع اليومي بالإضافة للأفكار الشيوعية التي تتبناها  هي سبب مرضك دعك من هذه الأفكار هي مجرد أوهام الحياة جميلة وإستمتع بلحظات من السعادة والفرح في ظل الواقع ودعك من أحلامك لن تقدر على  تغيير الواقع (نحكي في  فترة نظام بن علي) .... كنت من شدة إلتزامي وإنضباطي الحزبي /الحلقي أرفض رفضا قطعيا معاودة العودة إلى حصصه السخيفة المملة اتذكر مرة قال لي :" انت تنهار وحالتك أصبحت تتأزم إن لم تلتزم بالدواء ستكون نهايتك إما مجنونا أو تتعرض إلى أزمات قلبية بسبب الإرهاق والقلق  الذي بسببه الإكتئاب....

كانت سنوات شاقة ومرة، بمرارة بعض الرفاق، وكانت جميلة بدعم البعض الآخر من الرفاق... غيرت الطبيب النفسي وبدأت بالتخلص تدريجيا من antidépresseur.. ثم قررت أن أمارس الرياضة، أتذكر أول يوم ذهبت إلى الملعب الرياضي الذي لا يبعد عن منزلنا سوى بعض الأمتار، عندما بدأت بالركض لامست ضعف جسدي وعدم قدرته على التحمل كان قلبي يدق كأنه ناقوس كنت في كل لحظة أتوقع أن أسقط ويتوقف قلبي عن الخفقان.... منذ تلك اللحظة قررت الإنقطاع على التدخين وشرب الخمر و إنطلقت وبدون رجعة في ممارسة الرياضة بل وأصبحت الرياضة سلوك يومي، لا أبالغ إن قلت لكم، ليس من باب التفاخر، في البداية لم أستطع أن أكمل مسافة 400م اليوم بإستطاعتي أن أركض مسافة 15كلم دون توقف... رفيقي إنها العزيمة...

الحياة يا رفيقي صعبة والصراع الطبقي مدمر للجسد، للنفس وللذهن، العمل السياسي والإنضباط الحزبي متعب وشاق. كما  التكوين النظري والتمكن من المبادئ العامة للفكر الماركسي الليبنيني يحصن الفكري ويطور الممارسة كذلك الإعتناء بالجسد يجعل قدرتك على التحمل كبيرة ويجعلك صلب في مواجهة الواقع.

ليست هناك تعليقات

أضف تعليق